و الشافعي. و هل يحلف مع البيّنة؟ على قولين، و قال أبو حنيفة و أصحابه: إن كان المدّعى ملكاً مطلقاً أو ما يتكرّر سببه، لم تسمع بيّنة المدّعى عليه، و هو صاحب اليد؛ و إن كان ملكاً لا يتكرّر سببه، سمعنا بيّنة الداخل؛ و هو الذي يقتضيه مذهبنا، و قد ذكرناه في النهاية و المبسوط و الكتابين في الأخبار.
و قال أحمد حنبل: لا أسمع بيّنة صاحب اليد بحال في أيّ مكان كان؛ و قد روى ذلك أصحابنا أيضاً و تحقيق الخلاف مع أبي حنيفة: هل تسمع بيّنة الداخل أم لا؟ عند الشافعي تسمع و عنده لا تسمع و الفقهاء يقولون: بيّنة الداخل أولى و هذه عبارة فاسدة، لأنّه إذا كان الخلاف في سماعها سقط أن يقال أولى. و هذه المسألة ملقّبة ببيّنة الداخل و الخارج. فإنّ الداخل من كانت يده على الملك و الخارج من لا يد له عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم، و الخبر المشهور عن النبيّ عليه السلام أنّه قال: «البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه»؛ و يدلّ على الأوّل ما رواه جابر أنّ رجلين اختصما إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في دابّة أو بعير، فأقام كلّ واحد منهما البيّنة أنّها له نتجها، فقضى بها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله للذي هي في يده[1] و روى غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام: «أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام اختصم إليه رجلان في دابّة و كلاهما أقام البيّنة أنّه نتجها، فقضى بها للذي هي في يده، و قال: لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين»[2].»[3] و قال في مبسوطه: «مذهبنا- الذي يدلّ عليه أخبارنا- ما ذكرناه في النهاية و هو أنّه إذا شهدا بالملك المطلق و يد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده لليد، و كذلك إن شهدا بالملك المقيّد لكلّ واحد منهما، و يد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده، و قد روي أنّه