فالأولى أن يقال: ما علم إنشاء إباحة من المالك لكلّ من يريد أن يتملّكه، كنثار العرس و نحوه، يملكه الآخذ بالقبض، أو بالتصرّف الناقل، أو المتلف، أو مطلق التصرّف، على الوجوه أو الأقوال المذكورة في المعاطاة، بناءً على أنّها إباحة. و كذا ما جرت السيرة و الطريقة على تملّكه، ممّا قام شاهد الحال بالإعراض عنه، كحطب المسافر و نحوه أو ما كان كالمباحات الأصليّة باندراس المالك، كأحجار القرى الدارسة.»[1] هذا، و لعلّ أحداً يسأل عن الداعي لنقل هذا النصّ بطوله؟ و جوابنا: هو كي يعطي صورة واضحة، عن ضعف الاستدلال الذي صار إليه المحقّق رحمه الله هنا، و بخصوص هذه المسألة. و لست أدري، لِمَ لم يعمل بقاعدة السلطنة في مثل حالات الإعراض هذه في حين أنّه يتمسّك بها في كلّ ما هو من شئون السلطنة. فهل يصحّ أن يقال: إنّ إتلاف المال هو من شئونها، و لكنّ الإعراض ليس كذلك؟
و أمّا حديث الإنشاء اللفظي، فلو كان الاهتمام به على هذا المستوى، لكان من اللازم أن يشير أو يصرّح به الشارع، حتّى لا يغفل عنه؛ في حين أنّ ذلك- و بحدود اطّلاعنا- لم يقع منه.
و أمّا لو كان المراد من الإنشاء هو القصد، فهو طبعاً موجود في كلّ من يعرض عن شيء، و اللَّه الهادي إلى الحقّ و الصواب.