الحدود إلى من إليه الحكم[1]، و لأنّ مباشرة الناس لها، فيه مدعاة للفساد في المجتمع، و إخلال لنظمه، حيث إنّ شرار الناس و غير الملتزمين بمبادئ الدين الحنيف، كثيراً ما يُسيئون الاستفادة في هذا المجال، و يعملون على صرف استعماله إلى ما يحقّق أغراضهم الخاصّة غير المشروعة، متذرّعين بأنّهم إنّما يتوصّلون بذلك إلى حقّهم، و هو جائز لهم.
و عليه، فإنّ استيفائه يعتبر من وظائف الحاكم، بناءً على ما تقتضيه السياسة الحازمة، و زجر الناس.
و ممّا يستأنس به للجواز، ما يدلّ على جواز قتل سابّ النبي صلى الله عليه و آله من دون إذن الحاكم[2] و كذلك ما يدلّ على جواز قتل الزوج من رآه مع امرأته[3].
و لكن أقول: إنّ مورد هذه الأخبار من موارد الاستثناء التي يجوز فيها المباشرة، إلّا أنّه لا بدّ من إثباته في المحكمة، و تفصيل البحث في كتاب الحدود فراجع.
الأمر الثاني: فيما إذا كان الحقّ غير ماليّ
و هو كالزوجيّة و الوصاية و الطلاق و حقّ الشفعة و الخيارات.
قال المحقّق النراقي رحمه الله: «و الظاهر الإجماع على عدم وجوب المرافعة و إذن الحاكم فيها، و استقلال ذي الحقّ في استيفائه مع الإمكان و علمه بحقّه- اجتهاداً أو تقليداً أو ضرورة و إجماعاً- لظاهر الإجماع و الأصل الخالي عن المعارض بالمرّة، مضافاً إلى
[1]- وسائل الشيعة، الباب 28 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 1، ج 28، ص 49.
[2]- نفس المصدر، الباب 7 من أبواب حدّ المرتد، ح 1 و 2 و 3 و 4، ج 28، صص 337 و 338.