و أغرب من ذلك مناقشة المحقّق الأردبيلي رحمه الله[1] في أصل دفع الحاكم من مال الغائب بعد أن ذكر دليله مرسل جميل و ردّه بالإرسال و مجهوليّة جعفر بن محمّد بن إبراهيم و كون عبد اللّه بن نهيك في سنده؛ هذا سنداً و أمّا دلالة بأنّه غير عامّ و إدخال ضرر على الغائب، إذ قد يكون له جواب و قدح و نحو ذلك، و يتعذّر ذلك بعد الحكم و على تقديره فقد يتعذّر استيفاء الحقّ بموت الخصم و فقره و الكفيل أيضاً على تقديره، فينبغي الاقتصار على موضع الوفاق و هو فيما إذا علم الخصم أنّه إذا لم يحضر، يحكم عليه و هو غائب لأنّه يكون أدخل الضرر على نفسه.
و وجه الغرابة- مضافاً إلى وجود سند صحيح للخبر[2]- هو أنّ جواز الحكم على الغائب مردّه إلى مطابقته الأصل، و لأنّ لزوم حضور المدّعى عليه في مجلس المحاكمة مطلقاً، ليس له دليل كما يأتي بحثه.
و ما يدلّ على اشتراط حضوره، إنّما هو مختصّ بما إذا كان حضوره و البحث عنه لازماً في نظر القاضي.
و إذا لم يكن حاضراً و حكم القاضي عليه، فعندها يكون إجراء الحكم من لوازم صحّته، و إلّا للزم من ذلك حصول العبث. اللهمّ إلّا أن نقول بعدم جواز الحكم على الغائب و هو كما ترى.
و أمّا القول بأنّه قد يكون سبباً للإضرار بمصلحة المدّعى عليه، فإنّه معارض بمقولة أخرى؛ و هي: أنّ عدم الإجراء أيضاً، قد يكون سبباً لتضرّر المدّعي، و هذا واضح و سيأتي بحث الحكم الغيابيّ مفصّلًا فانتظر.
[1]- راجع: مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 204 و 205.
[2]- محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي القاسم بن محمّد عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن أيّوب بن نوح عن محمّد بن أبي عمير عن جميل بن درّاج.