الخبر في مقام بيان عدم صلاحيّة قاضي الجور فقط لا بيان شرائط القاضي كلّها. و يحتمل أن يكون الخبر في باب قاضي التحكيم لا المنصوب و الاحتمال يبطل الاستدلال.
5- إنّ من أمر بالترافع إليهم في زمن النبي صلى الله عليه و آله قاصرون عن مرتبة الاجتهاد و إنّما قضوا بين الناس بما سمعوه من النبي صلى الله عليه و آله. و قد وردت في كتب التاريخ أنّ النبي صلى الله عليه و آله أرسل معاذاً إلى اليمن قاضياً و استعمل بعض صحابته للقضاء مثل عتاب بن أسيد و العلاء بن الحضرمي و غيرهم[1].
لكن يرد عليه: أنّ الاجتهاد في تلك الأعصار كان خفيف المئونة و أنّ معاذاً بيّن كيفيّة قضائه بالكتاب و السنّة و الرأي، و الاجتهاد ليس إلّا هذا، و هذا أوّل دليل على عدم اعتبار الاجتهاد المعهود عندنا بل اللازم القدر المعهود في عهد النبي صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام.
روى معاذ بن جبل أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمّا بعثه إلى اليمن قال له: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب اللَّه. قال: فإن لم تجده في كتاب اللَّه؟ قال: أقضي بسنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. قال: فإن لم تجده في سنّة رسول اللَّه؟ قال: اجتهد برأيي لا آلو. قال: فضرب بيده على صدري و قال: الحمد للَّه الذي وفّق رسولَ رسول اللَّه لما يرضي رسول اللَّه.»[2] 6- نصب خصوص المجتهد في زمان الغيبة بناءً على ظهور النصوص فيه، لا يقتضي عدم جواز نصب الغير.
و فيه: أنّ الظاهر من النصوص مثل المقبولة و خبري أبي خديجة- لو كان لهما دلالة- حصر القضاء في واجد الشرائط المذكورة و النصوص في مقام التحديد و بيان شرائط القاضي لا مقام بيان صحّة قضاء المجتهد فقط، مضافاً إلى أنّ عدم نصب غير المجتهد لا يكفي في إثبات الجواز و لكنّ الكلام في دلالتهما على ذلك.
7- مقتضى عموم الولاية للفقيه، أنّ له نصب مقلّده للقضاء.