تدلّ عليه أصول الشرع و قواعده المستفادة من الكتاب و السنّة و الإجماع و العقل؛ ضرورة أنّ للإنسان التوصّل إلى حقّه بذلك و نحوه ممّا هو محرّم عليه في الاختيار. بل ذلك كالإكراه على الرشا الذي لا بأس به على الراشي معه عقلا و نقلًا.»[1] و قال المحقّق الآشتياني رحمه الله: «و يدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع الظاهر المصرّح به في كلام بعض الأفاضل، عموم ما دلّ على نفي الحرج و الضرر في الإسلام.»[2] أقول: ذلك فيما إذا كان تحصيل الحقّ متوقّفاً عليها و إلّا فهي لا تشمل ما لم يكن متوقّفاً عليها، أو لم يعلم التوقّف عليها و عدمه.
و أمّا الرشوة في غير الحكم لغير الحاكم من عمّال السلطان، بناءً على صدق الرشوة في غير الحكم، في مثل هذه الحالة، إذا كان الغرض منها هو العمل بالحرام أو لغرض القيام بعمل بصرف النظر عن كونه حلالًا أم حراماً، فذلك حرام قطعاً و لا يجوز؛ و ما السبب إلّا لأنّه أكل للمال بالباطل، حتّى لو لم يكن رشوة.
و أمّا لو كان الغرض من هذا العمل في غير القضاء هو تحصيل حقّ أو عمل مباح، فلا إشكال فيه؛ و يدلّ عليه الحديث الوارد عن محمّد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرشو الرجل الرشوة، على أن يتحوّل من منزله فيسكنه؟ قال: لا بأس به.»[3] و الحديث صحيح سنداً و المراد منه المنازل الموقوفة بالوقف العامّ، و الأراضي الواسعة التي يسكنها البدو الرُّحَّل و أمثالهم، و كذا السوق و نحوها.
و كذلك يدلّ عليه ما ورد في رواية الصيرفي، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام و سأله حفص الأعور، فقال: «إنّ السلطان يشترون منّا القرب و الأداوي فيوكّلون الوكيل حتّى يستوفيه منّا، فنرشوه حتّى لا يظلمنا. فقال: لا بأس ما تصلح به مالك. ثمّ سكت ساعة، ثمّ