و إن جهل حالهم من عدالة أو فسق، فهل يجب عليه الفحص أم لا؟ و ما هو طريق إثبات العدالة؟ و لو أقرّ المدّعى عليه بعدالتهم، فهل يجوز للحاكم أن يحكم أخذاً بإقراره، أو لا بدّ من تبيّن العدالة بغير الإقرار؟ و لكن من الجدير البحث عن معنى العدالة قبل التعرّض لهذه الأمور.
الأمر الثاني: في معنى العدالة
أعني: التعاريف المتداولة في كلمات الفقهاء و المنتزعة من فهمهم لنصوص الشريعة.
1- قال بعض: العدالة كيفيّة- حالة، هيئة، صفة، ملكة- نفسانيّة، تبعث الإنسان على ملازمة التقوى، مع حفظ المروءة. و هذا التعريف نسب إلى مذهب من العلماء و الفقهاء، إماميّين و غير إماميّين.[1] 2- و قال بعض آخر: العدالة عبارة عن مجرّد ترك المعاصي مطلقاً، أو ترك الكبائر؛ و هذا منسوب إلى ابن إدريس رحمه الله.[2] و جاء في محكيّ كلام أبي الصلاح رحمه الله[3] و جماعة من العلماء هذا التفسير من العدالة كما نقل عن العلّامة المجلسي[4] و المحقّق السبزواري رحمهما الله[5] أنّه الأشهر.
3- و قد يقال: العدالة عبارة عن الاستقامة في الفعل، الناشئة عن الملكة؛ كما عن
[1]- مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 315- كتاب القضاء للمحقّق الكني، ص 267- و راجع: مدارك الأحكام، ج 4، ص 67.