بالحبس كما أنّ عدم الجواز مبتن على أنّ ثبوت دعوى المدّعي موقوف على ثبوت عدالة الشاهد فما لم تثبت عدالته لا يجوز حكم الحبس و أصالة عدالة كلّ مسلم لا أساس لها.
و هذا هو الذي يستفاد من كلمات العلّامة رحمه الله و الحقّ معه لعدم ثبوت الأصل المزبور لا عقلًا و لا شرعاً لأنّ العدالة ليست شائعة بين المسلمين حتّى نبني عليها عند الشكّ في كلّ مسلم فليست حجّة من باب الغلبة كما يأتي في كتاب الشهادات و ما لم تثبت عدالة الشاهد عند الحاكم لا يجوز له الحكم سواء كان وظيفة الحاكم أو وظيفة المدّعي، فالأولى أن يقال في جوابه أنّه هل يجوز الحبس لكشف الحقّ و توفّر شروط حجّيّة البيّنة جمعاً بين حقّ المدّعي و المدّعى عليه أم لا؟
إنّ مقتضى التحقيق الذي يساعده الاعتبار و تؤيّده التجربة أنّ المسألة تارة تفرض في حالة عدم الدليل المطلق، بمعنى أنّه إذا شكا أحد من شخص و ادّعى أنّ له عليه ديوناً و حقوقاً و لم يستطع أن يقيم أيّ دليل أو شاهد على مدّعاه ثمّ التمس من الحاكم أن يحبس الطرف الآخر المدّعى عليه حتّى يقيم البيّنة و الأدلّة المعتبرة التي تثبت صحّة مدّعاه ففي مثل هذه الحالة لا يجوز للحاكم أن يصدر حكماً بالحبس لمجرّد التماس المدّعي منه ذلك، لاحتمال كون ادّعاء المدّعي في شكايته لم تكن قائمة على أساس صحيح، و لم يكن لها وجه مشروع. و وجه عدم الجواز أصالة براءة ذمّة المدّعى عليه و أنّه عقوبة قبل ثبوت الجناية و موجب لضرر المتّهم، و هو منفي.
و أخرى في حالة نقصان الدليل؛ بمعنى أنّه أقام البيّنة و الدليل المثبت لمدّعاه و لكن لم تكن الأدلّة كافية و واجدة لشروط الحجّيّة التي تنهض بإثبات حقّه عند الحاكم، بل كانت محتاجة إلى التحقيق حتّى تثبت حجّيّتها و تماميّتها و في هذه الحالة أيضاً تارة يكون المدّعى به الأمور الغير المهمّة و لم يكن المدّعى عليه متّهماً بالسفر أو الاختفاء أو الفرار من أيدي المسئولين فلا تكون حقوق المدّعي في معرض الخطر و الضياع؛ ففي هذه الحالة أيضاً لا وجه للحبس. و تارة أخرى يكون الادّعاء في الأمور المهمّة و يكون