أقضي في أمور لم أخبر ببيانها؟ قال: فقال له: رُدّهم إليّ، و أضفهم إلى اسمي يحلفون به.»[1] و من يقرأ هذه الأدلّة يتّضح له أنّها تدلّ بصراحة على أنّ حجّيّة البيّنة و الحلف لم تكن لإسقاط العلم عن الاعتبار، بل لأجل أن تكون دليلًا و حجّة في موارد عدم العلم.
و لعمري إنّ كلّ من يتفحّص آثار أهل البيت عليهم السلام و أخبارهم، سوف يتّضح له هذا الأمر بكلّ جلاء، ثمّ لا يبقى في نفسه مجال للشكّ و التردّد بأيّ حال من الأحوال. و لا يخفى أنّ بعضاً من هذه الروايات يدلّ على أنّ علم القاضي لا بدّ و أن يستند إلى المشاهدة و العيان.
6- الأحاديث الكثيرة الحاكية عن قضاء علي عليه السلام فهي إنّما تدلّ على جواز سعي القاضي، و جواز استفادته من الوسائل المختلفة، من أجل تحصيل العلم و حصول الاطمئنان و كشف الواقع، بل هي تدلّ على وجوبه.[2] لا يقال: بأنّ مثل هذا مختصّ بعلي عليه السلام، أو بالإمام المعصوم عليه السلام مطلقاً كما ذكرنا في أوّل البحث لأنّ الجواز في حقّهم عليهم السلام، إنّما يدلّ على الجواز في حقّ غيرهم. و القول بكونه من اختصاصاتهم عليهم السلام فقط، بعيد للغاية؛ و لذلك لام علي عليه السلام شريحاً و وبّخه.
7- الأحاديث التي تحكي قضاء علي عليه السلام بين النبي صلى الله عليه و آله و غيره بعلمه، و هي دالّة على أنّ القاضي له أن يحكم بعلمه من غير بيّنة.[3] و هنا يجدر بنا أن ننقل كلمة الحرّ العاملي رحمه الله و هي: «أقول: و قد تقدّمت أحاديث كثيرة تدلّ على وجوب العمل بالعلم، و النهي عن القول بغير علم، و عن كتم العلم لغير تقيّة»[4].
8- رواية الحسين بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الواجب على الإمام إذا نظر إلى