بعلمهما ... فلعلّ ابن الجنيد ذكر ذلك في كتاب آخر، و هذا القول الذي نقلناه عنه من كتابه لم يذكره الأصحاب عنه و إنّما نقلوا عنه القول بأنّ الحاكم لا يحكم بعلمه في شيء من الحقوق و لا الحدود و هذا نقل ثالث عنه.»[1] و لكنّ المهمّ أنّ المخالف في المسألة هو ابن الجنيد رحمه الله وحده، و المشهور بل المجمع عليه أنّ غير المعصوم عليه السلام يقضي بعلمه في حقوق الناس. و أمّا في حقوق اللَّه تعالى، ففيه الاختلاف و إن رجّح كثير من القدماء جواز الحكم في حقوق اللَّه تعالى أيضاً كما مرّ.
ثمّ، إنّ من اللازم في هذه المسألة تحقيق أمرين؛ الأوّل: الأدلّة الدالّة على جواز حكم القاضي بعلمه و الأدلّة النافية له، و الثاني: البحث عن علم القاضي و مباديه و موارده.
الأمر الأوّل: في أدلّة جواز حكم القاضي بعلمه و عدمه
أ- أدلّة الجواز
استدلّ على جواز قضاء القاضي بعلمه بالأدلّة الأربعة.
الأوّل: آيات من الكتاب العزيز
و هي طائفتان:
الطائفة الأولى: التمسّك بمثل آيتي السرقة و الزنا، قال تعالى: «السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما»[2] و قال تعالى: «الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ»[3] ببيان أنّه وَرد في آية «السرقة»، و «الزنا»، الأمر بإجراء الحدّ على مرتكبهما.
فالقاضي إذا علم بأنّ فلاناً قد زنى أو سرق، يجب عليه أن يحكم بإجراء الحدّ على المرتكب و إلّا فقد خالف الكتاب. و عليه، فإذا ثبت الوجوب في حدّ الزنا و السرقة؛ فيثبت