ففي كتاب علي عليه السلام إلى قُثَم بن العبّاس و هو عامله على مكّة: «... و لا يكن لك إلى الناس سفير إلّا لسانك و لا حاجب إلّا وجهك و لا تَحجُبنّ ذا حاجة عن لقائك بها، فإنّها إن ذيدت عن أبوابك في أوّل وِرْدِها لم تحمد فيما بعدُ على قضائها.»[1] و أيضاً في كتابه عليه السلام إلى مالك: «و أمّا بعد، فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك، فإنّ احتجاب الولاة عن الرعيّة شعبة من الضيق و قلّة علم بالأمور. و الاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير و يعظم الصغير و يقبح الحسن و يحسن القبيح و يشاب الحقّ بالباطل. و إنّما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور و ليست على الحقّ سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب.»[2] و يدلّ عليه الروايات الكثيرة الدالّة على تقبيح عدم قضاء حوائج المؤمن و سدّ الباب عليه[3] و قد ذكر عدم الخلاف فيه أيضاً[4].
أمّا إذا دعت الضرورة إلى حفظ شئون الأشخاص بالمحافظة على أسرارهم من التسرّب و الشيوع أو إلى مراعاة كون بعض المحاكم سرّيّة، يستدعي إقامتها وجود الحاجب، للحفاظ على سلامة مسئوليّاتها و أداء مهمّاتها ففي مثل هذه الحالة و من أجل تلك الاعتبارات، لا يصحّ لنا أن نفتي بعدم اتّخاذ حاجب أساساً أو ندعو إلى اتّخاذه بشكل مطلق. نعم ينبغي مراعاة كلّ حالة بحسبها و ذلك ما نقول به و نذهب إليه.
ب- اتّخاذ المسجد مجلساً للقضاء
اختلف الفقهاء في القضاء في المسجد على أربعة أقوال: