اختيارهما و إجابة داعيهما و ليس أحدهما أولى من الآخر. و الوجه الثاني: الجواز و هو مختار جماعة، كالمصنّف و العلّامة[1] و الشهيدين[2] و صاحب الجواهر رحمهم الله[3] و ادّعى فيه الأردبيلي رحمه الله عدم الخلاف[4]. و الدليل عليه أنّ عمومات القضاء تقتضي جواز تصدّي المجتهدين ذوي الشرائط للقضاء في مكان و زمان و موضوع و نوع واحد كما أنّ الأصل جوازه و ما كان جائزاً ذاتاً جاز نيابةً إلّا إذا قام الدليل على خلافه، و الحال أنّ أدلّة المانعين غير تامّة؛ لأنّ التنازع المدّعى قابل للمنع بتقديم من سبق منهما و أنّ قياس القضاء بالولاية العظمى و الإمامة الكبرى مع الفارق؛ لأنّ الدليل قام على لزوم وحدة الإمام عليه السلام بخلاف ما نحن فيه. و ما قاله صاحب الجواهر رحمه الله من أنّ القياس ممنوع في المقيس عليه كما في موسى و هارون عليهما السلام، مندفع بأنّ الإمامة كانت لموسى عليه السلام و هارون عليه السلام كان نائباً عنه في قومه.
الصورة الثالثة؛ هي أن تحوّل ولاية القضاء بشخصين أو بثلاثة أشخاص أو أكثر
و يشترط اجتماعهما في الرأي و الحكم الواحد، بمعنى أنّه هل يصحّ أن ينصب أكثر من قاض واحد للنظر في قضيّة واحدة يتداولون فيها الرأي مجتمعين عند انعقاد المحكمة، فإذا اتّفقت آراؤهم حكموا فيها و إلّا اعتُبر الحسم فيها بحسب الأكثريّة أي إن لم تتمّ الموافقة بينهم فالحجّة قول الأكثريّة، و يردّ قول الأقلّيّة.
قال الشيخ محمد حسن النجفي رحمه الله في توضيح هذا المعنى: «و إطلاق التشريك و المعيّة هنا و في كتاب الوصيّة في عبارات الأصحاب يراد منها عدم نفوذ تصرّف أحدهما بدون رضا الآخر، لا أنّ المراد التشريك في نفس الوصاية، بل كلّ منهما وصيّ إلّا أنّه لا ينفذ
[1]- قواعد الأحكام، ج 3، ص 422- تحرير الأحكام، ج 2، ص 181، الفرع« ى».
[2]- الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 67- مسالك الأفهام، ج 13، ص 356.