المسألة السادسة: هل الحَكَم يملك حقّ الحبس و استيفاء العقوبة و إجراء الأحكام أم لا؟
تعرّض لهذه المسألة بعض الأصحاب، فقال الفاضل الأصبهاني رحمه الله: «و هل له الحبس و استيفاء العقوبة؟ إشكال؛ من عموم أدلّة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أدلّة التحكيم الناهية عن الردّ على من له أهليّته، و إفضاء تعطيلها إلى الفساد، و قول الصادق عليه السلام لحفص بن غياث: «إقامة الحدود إلى من إليه الحكم»، و هو خيرة السيّد و الشيخ في التبيان و جماعة، و من الاحتياط في الدماء و عصمتها، و اشتراك الحدود بين حقّ اللَّه و حقّ الناس و التحكيم إنّما هو في حقوق الناس، و هو قول الشيخ في النهاية و الاقتصاد و سلّار و جماعة.»[1] فالمسألة ذات قولين: الأوّل؛ ليس له هذا و هو قول الحنفيّة و الشافعيّة و الحنابلة و البعض من أصحابنا كالعلّامة؛ في القواعد و إن استشكل فيه[2] و الثاني؛ و هو أنّ له حقّ الحبس و إجراء العقوبة و هو قول عبيد اللَّه الأصغر من الحنفيّة و بعض الإماميّة[3] بل أكثرهم.
أمّا علّة اختلافهم فيظهر ممّا مضى، أمّا نحن ففي غنى عنه في العقوبات، لأنّا لا نلتزم بجواز التحكيم فيها، و أمّا في الدعاوي المدنيّة التي يجوز التحكيم فيها، فجوازه منوط برضا المتنازعين و كذا مفاد عقد التحكيم.
و نهايةً نقول: إنّ للتحكيم باباً واسعاً منذ العصور الخالية إلى الآن و هو في توسّع و فيه مباحث شتّى تحتاج إلى رسالة مستقلّة، كطرق تعيين الحكم ضمن العقود لفضّ المنازعات المحتملة فيها أو قبل حصول النزاع أو بعده من طريق عقد التحكيم و مدى