و الآية و إن استدلّ بها الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله[2] و بعض فقهاء أهل السنّة[3]، لكن ليس مفادها التحكيم المصطلح لأنّ مرجع الضمير في «فَابْعَثُوا» ليس إلى الزوجين، و أيضاً ليس في مقام الترافع و الرجوع إلى الحاكم، بل الغرض هو الإصلاح و رفع الشقاق لا الحكم و كذلك لا يكون حكم الحكمين لازماً على الزوجين.
قال الشريف الرضي رحمه الله: «لِمَ لم يقل حاكماً بدل قوله حَكَماً؟ و الجواب أنّه سبحانه إنّما سمّى المبعوثين من أهل الرجل و المرأة حَكَمين لنقصان تصرّفهما، و لو ملكا التصرّف من جميع الوجوه سمّاهما حاكمين، أ لا ترى أنّ من مذهب أهل العراق أنّه ليس للحكمين التفريق إلّا بوكالة و هو أحد قولي الشافعي، و هذا يدلّ على نقصان تصرّفهما فلذلك سمّيا حكمين، و العرب تسمّي الرجل حكماً إذا تنافر إليه الرجلان ففضّل أحدهما على صاحبه و إنّما سمّي حكماً؛ لأنّه ليس يتجاوز أن يعلّمهما أنّ أحدهما أفضل من الآخر و ليس هناك إلزام أمر و لا إمضاء حكم كما يفعل الحكّام، فلذلك لم يسمّ حاكماً و هذا واضح بحمد اللَّه.»[4] و على فرض دلالة الآية الكريمة على التحكيم المصطلح فإنّ موردها خاصّ لا يستفاد منها العموم لجميع الموارد حتّى في الجزائيّات و إجراء الأحكام.
و لكن لا يخفى أنّ ما قلناه لا يكفي في ردّ الشارع الطريق المتعارف عند العقلاء، بل المتراءى أنّ نظره المقدّس هو تأييد الطريق المتعارف لأنّ المتفاهم من قوله تعالى:
«فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ ...» ليس إلّا تصدّي الحَكَمين لرفع الشقاق. و كون البعث من قبل غير الزوج و الزوجة لكون خطاب «فَابْعَثُوا» إلى غيرهما، لا يدلّ على كونه غير الحكميّة؛ لأنّ البعث من قِبَل أيّ شخص كان، لا بدّ من أن يكون مورداً لرغبتهما و رضاهما