عدم تمكّنه تحمّل شدّة إقامة الحدّ أو التعزير، و ينجرّ ذلك إلى وفاته أو شدّة مرضه، كالمبتلى بالأمراض القلبيّة، أو كمن أجريت له عمليّة جراحيّة في بدنه، أم يجري عليه الحدّ و التعزير كيفما كان؟
و الحقّ أن يقال: إنّه إذا كان الحدّ قتلًا أو رجماً، فلا تجب مراعاة ذلك، لأنّ غاية الحدّ القتل، سواء كان مريضاً أم سالماً.
و أمّا إذا لم يكن كذلك، بل كان الحكم جلداً أو حبساً أو نحوهما، فالمستفاد من الأخبار الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تأخير إقامة العقوبة في ما يرجى زوال المرض، و الضرب بالضغث في ما لا يرجى، و لكن لا بدّ أن يكون ذلك بعد مراجعة الطبيب المتخصّص لتشخيص ذلك حتّى يحصل الاطمئنان بأنّه لم يتمارض فراراً من إقامة الحدّ أو التعزير.
و قد بحثنا عن المسألة، و الأخبار و الأقوال الواردة فيها مبسوطاً في مباحث الزنا، فراجع.[1]
و أمّا العامّة فقال منهم ابن قدامة الكبير في شرح قول الخرقيّ في مختصره: «فإن مات في جلده فالحقّ قتله، يعني ليس على أحد ضمانه» ما هذا نصّ كلامه: «و هذا قول مالك و أصحاب الرأي، و به قال الشافعيّ إن لم يزد على الأربعين؛ و إن زاد على الأربعين فمات فعليه الضمان، لأنّ ذلك تعزير إنّما يفعله الإمام برأيه. و في قدر الضمان قولان، أحدهما: نصف الدية، لأنّه تلف من فعلين، مضمون و غير مضمون، فكان عليه نصف الضمان. و الثاني: تقسّط الدية على عدد الضربات كلّها، فيجب من الدية بقدر زيادته على الأربعين. و روي عن عليّ رضي اللَّه عنه أنّه قال: ما كنت
[1]- راجع: الجزء الأوّل من هذا الكتاب، صص 523-/ 532.