و يظهر من كلام يحيى بن سعيد الحلّي رحمه الله[1] أيضاً تردّده في الحكم، و أنّ الأحوط عنده كون الضمان في بيت المال.
و قد ردّ ابن إدريس مقالة الشيخ رحمهما الله في المبسوط بقوله: «إذا عزّر الإمام أو الحاكم من قبله إنساناً فمات من التعزير، فلا دية له، لا في بيت المال و لا على الحاكم و لا على عاقلته بحال، لقوله تعالى: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ»[2] و هذا محسن بتعزيره، و لا كفّارة أيضاً عليه، و لقول أمير المؤمنين عليه السلام: من أقمنا عليه حدّاً من حدود اللَّه فمات، فلا ضمان، و هذا حدّ، و إن كان غير معيّن. و قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: الذي يقتضيه مذهبنا أنّه يجب الدية في بيت المال. و لا دليل على ما قاله من كتاب و لا سنّة و لا إجماع، و الأصل براءة الذمّة، و إنّما ورد أنّ الدية في بيت المال في ما أخطأت فيه الحكّام، و هذا ما أخطأ فيه بحال.»[3]
أقول: إنّ التعزير تكليف شرعيّ للحاكم، و المفروض وقوعه على الوجه الشرعيّ بلا تعدٍّ و لا غفلة، و الإمام محسن في امتثال أوامر اللَّه تعالى في إقامة الحدود و التعزيرات، و ما على المحسنين من سبيل، و حينئذٍ فلا وجه لأداء الدية و كذا الكفّارة، لا من مال نفس الحاكم، لأنّه ينجرّ إلى تعطيل إقامة التعازير، و لا من بيت المال، للأصل و عدم الدليل.
و أمّا الاستدلال بما مرّ من الأخبار النافية للدية فيمن قتله الحدّ تمسّكاً بكون المراد من الحدّ الأعمّ منه و من التعزير، ففيه تأمّل و إشكال.
فرع: في حكم المريض و الضعيف
هل تجب مراعاة حال المحدود في المرض و الضعف إذا كان بحيث يحتمل في حقّه