و لا تقبل توبة الزنديق عنده. و قال أحمد بن حنبل و إسحاق: يقتل الساحر، و لم يتعرّضا لكفره؛ و قد روى ذلك أيضاً أصحابنا. دليلنا: أنّ الأصل حقن الدماء، و من أباحها يحتاج إلى شرع و دليل. و من أوجب قتله استدلّ بأن عمر قال: اقتلوا كلّ ساحر و ساحرة، قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر. و حفصة زوجة النبيّ عليه السلام جارية لها سحرتها، فبعثت بها إلى عبد الرحمن بن زيد فقتلها. و يدلّ على صحّة ما قلناه ما روي عنه عليه السلام أنّه قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلّا اللَّه، فإذا قالوها عصموا بها منّي دماءهم و أموالهم إلّا بحقّها.»[1]
و قال رحمه الله في المبسوط: «فإذا ثبت أنّه محرّم، فالسحر عندهم اسم جامع لمعانٍ مختلفة، فإذا قال: أنا ساحر، قلنا: صف السحر، فإن وصفه بما هو كفر فهو مرتدّ يستتاب، فإن تاب و إلّا قتل، و إن وصفه بما ليس بكفر لكنّه قال: أنا أعتقد إباحته، حكمنا بأنّه كافر يستتاب، فإن تاب و إلّا قتل، لأنّه اعتقد إباحة ما أجمع المسلمون على تحريمه، كما لو اعتقد تحليل الزنا فإنّه يكفر. و إن قال: أنا ساحر أعمل السحر و أعتقد أنّه حرام لكنّي أعمله، لم يكفر بذلك و لم يجب قتله، و قال بعضهم هو زنديق لا يقبل توبته و يقتل. و قال قوم:
يقتل الساحر، و لم يذكروا هل هو كافر أم لا، و هو الموجود في أخبارنا ... فإن قال الساحر:
أرقى و لكنّي لا أوذي به أحداً، نهي، فإن عاد عزّر.»[2]
و نقل السيّد الطباطبائيّ رحمه الله عن بعض متأخّري المتأخّرين حكاية القول بقتله لو كان مستحلًا، ثمّ قال: «و وجهه غير واضح بعد إطلاق النصّ، المنجبر ضعفه- بعد الاستفاضة- بفتوى الجماعة، و عدم خلاف فيه بينهم أجده، و لم أر حاكياً له غيره.»[3]
فهو لم يظفر بمقالة الشيخ الطوسيّ رحمه الله و لذا اقتصر على ما حكاه المحدّث الكاشاني رحمه الله حيث قال: «و حدّه القتل إن كان مسلماً و التأديب إن كان كافراً، و قيل: إنّما يقتل