و يعتبر في ثبوت الحدّ الاختيار و الطواعيّة، فلا يحدّ المكره على القذف.
و أمّا السكران فهل يحدّ إذا قذف أحداً؟
قال يحيى بن سعيد الحليّ رحمه الله: «و السكران كالصاحي إن زنى أو لاط أو سرق أو قذف أو ارتدّ أو أسلم عن كفر، و يفارقه في العقود و الإيقاعات كالطلاق و العتاق.»[1]
و قال العلّامة رحمه الله في القواعد: «و في السكران إشكال فإن لم نوجب فالتعزير.»[2]
و قال ولده فخر الإسلام رحمه الله في بيان الإشكال: «منشأ الإشكال: أنّ شرط ثبوت الحدّ علم القاذف بدلالة اللفظ عليه و قصده. و قال الجبّائي: و إرادة المعنى الموضوع له اللفظ.
و الكلّ منتفٍ في حال السكر و هو حال القذف. و من إجراء العقوبات الشرعيّة عليه.
و الأقوى عندي ثبوت الحدّ عليه، لقول أمير المؤمنين عليه السلام: لأنّه إذا شرب سكر، و إذا سكر هذى، و إذا هذى افترى، و حدّ المفتري ثمانون. فأوجب حدّ المفتري عليه لوجود أمارة تفيد الظنّ بثبوت القذف، فإذا أوجب مع الظنّ الثبوت فمع علمه أولى.»[3]
و قوله: «و من إجراء ...» بيان لوجه القول الآخر، أعني: ثبوت حدّ القذف عليه.
و قد يقال لتقريب ثبوت الحدّ عليه: إنّه و إن لم يكن قاصداً عامداً حين السكر إلّا أنّه حيث جعل نفسه في معرض تلك العوارض بسوء اختياره فهو كالعامد.
و يدلّ عليه ما أشار إليه فخر الإسلام رحمه الله من صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
«قال: إنّ عليّاً عليه السلام كان يقول: إنّ الرجل إذا شرب الخمر سكر، و إذا سكر هذى، و إذا هذى افترى، فاجلدوه حدّ المفتري.»[4]
قال صاحب الجواهر رحمه الله: «المشهور أنّ وطء السكران بشرب الخمر و نحوه زناً يثبت به