و المعتبر في القذف أن يكون بلفظ صريح أو ظاهر معتمد عليه، مع كون القائل عارفاً بما وضع له اللفظ و مفاده، و لا يكفي التعريض و الكناية.
قال الشيخ الطوسيّ رحمه الله: «التعريض بالقذف ليس بقذف، سواء كان حال الرضا أو حال الغضب، و به قال أبو حنيفة و الشافعيّ. و قال مالك: هو قذف حال الغضب، و ليس بقذف حال الرضا. دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضاً الأصل براءة الذمّة للقاذف، فمن شغّلها فعليه الدلالة.»[1]
و أمّا ما يقال من أنّه يعتبر في تحقّق القذف و وجوب حدّه أن يكون الكلام نصّاً و صريحاً في القذف و لا يكفي كونه ظاهراً فيه لأنّ الظهور مجامع للاحتمال و الشبهة و الحدود تدرأ بالشبهات، فهو غير وجيه، و لا وجه للخدشة المذكورة بعد فرض الظهور، و ذلك لبناء العقلاء على الحجّيّة كسائر الموارد، و لا شبهة فيه بعد إمضاء الشارع، و لا يستفاد من النصوص الواردة في أبواب القذف أكثر من ذلك.
و لذا إنّ الأمثلة التي ذكروها في المقام لتحقّق القذف كقولهم: زنيت، أو لطت، أو ليط بك، أو أنت زانٍ أو لائط، أو منكوح في دبرك، كلّها ظاهرة في هذا المعنى و ليست بصريحة.
و بالجملة الملاك هو الظهور الاصطلاحيّ و صدق الرمي عرفاً مع معرفة القائل بذلك، و مراد الأصحاب من الصراحة ليس ما يقابل الظهور المعتمد عليه، بل ما يقابل التعريض و الكناية.
أجل، قد يستشكل في بعض التعابير من أنّه هل هو ظاهر في الرمي أو هو سبّ و شتم، فمثلًا التعبير بمثل «يا منكوحاً في دبره!» إذا تعارف في الشتم، فهل يصدق عليه الرمي أو هو شتم يستحقّ الشاتم التعزير لا الحدّ؟
قد يقال: إنّه ظاهر في الرمي، و لكنّه محلّ تأمّل؛ لأنّه لو كان فيه احتمال الشتم احتمالًا معتدّاً به، فلا يبقى ظهور في الرمي و لو لم يكن له ظهور في الشتم، إلّا أنّا لا