و ذلك لئلّا يجعل الناس ذلك رويغة و حجّة، فيرتكبون الجرائم و ينهزمون إلى الحرم، فيحصل بذلك فساد كبير.
و ألحق المفيد، و الشيخ، و ابن إدريس، و القاضي ابن البرّاج، و يحيى بن سعيد الحلّي، و العلّامة رحمهم الله في التحرير، حرم النبي صلى الله عليه و آله و سلم و مشاهد الأئمة عليهم السلام بذلك، بل ذكر المفيد رحمه الله أنّ حكم المساجد أيضاً كذلك[1].
و اقتصر ابن حمزة رحمه الله[2] على ذكر الحرمين، و لم يذكر حكم المشاهد.
و أمّا إذا أحدث الجاني في هذه الأمكنة ما يوجب الحدّ، أقيم عليه الحدّ، لانتهاكه حرمة الحرم، فتنتهك حرمته.
و قد بحث الفقهاء عن المسألة في تضاعيف أبحاث كتاب الحجّ أيضاً، و ذكروا حكم الجاني الملتجئ إلى الحرم هناك.
و مقتضى ظاهر كلام الماتن رحمه الله و كلّ من عبّر بلفظ التضييق، أنّه لا يمنع عن الطعام و الشراب بالكلّيّة، بل يطعم مقداراً لا يموت، و يمنع ممّا زاد عمّا يمسك رمقه، و يمكّن ممّا لا يصبر عليه عادة إلى أن يخرج، فيقام عليه.
و كيف كان فالمهمّ هنا ذكر مستند المسألة، و هو ما رواه الصدوق و الطوسي بسندهما عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، في الصحيح، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «في الرجل يجني في غير الحرم ثمّ يلجأ إلى الحرم، قال: لا يقام عليه الحدّ، و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلّم و لا يبايع، فإنّه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيقام عليه الحدّ، و إن جنى في الحرم جناية، أقيم عليه الحدّ في الحرم، فإنّه لم ير للحرم حرمة.»[3]
[1]- المقنعة، صص 782 و 783- النهاية، ص 702- كتاب السرائر، ج 3، ص 457- المهذّب، ج 2، ص 529- الجامع للشرائع، ص 552- تحرير الأحكام، ج 5، ص 324، الرقم 6786.