«سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن دية اليهود و النصارى و المجوس، قال: هم سواء ثمانمائة درهم.
قلت: إن أخذوا في بلاد المسلمين و هم يعملون الفاحشة، أ يقام عليهم الحدّ؟ قال: نعم، يحكم فيهم بأحكام المسلمين.»[1] و الحديث ضعيف ب: «درست»، و هو: درست بن أبي منصور، واقفيّ لم يذكر فيه مدح و لا توثيق.
و أمّا تخيير الإمام بين ذلك و بين ردّه إلى أهل ملّته، فيمكن أن يستدلّ له بأمور:
قال الطبرسي رحمه الله ذيل الآية: «أراد به اليهود الذين تحاكموا إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في حدّ الزنا، عن ابن عبّاس، و الحسن، و مجاهد. و قيل أراد بني قريظة و بني النضير لمّا تحاكموا إليه، فخيّره اللَّه تعالى بين أن يحكم بينهم و بين أن يعرض عنهم، عن ابن عبّاس في رواية أخرى و قتادة و ابن زيد. و الظاهر في روايات أصحابنا أنّ هذا التخيير ثابت في الشرع للأئمّة و الحكّام، و هو قول قتادة و عطاء و الشعبي و إبراهيم. و قيل إنّه منسوخ بقوله: «وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ» عن الحسن و مجاهد و عكرمة.»[3] قال الفاضل المقداد رحمه الله: «... و قيل ليس بمنسوخ بل الأمر بالعكس، و التخيير باقٍ. و هو مذهب أصحابنا لكنّه ليس على إطلاقه، بل إذا كان الخصمان على ملّة واحدة. أمّا إذا كان أحدهما مسلماً فلا يجوز للحاكم ردّ الحكم فيه إلى أهل الذمّة قطعاً. و لو كانا متغايرين في الملّة كاليهوديّ و النصرانيّ يحتمل الردّ إلى الناسخ. و الأقوى تحتّم الحكم بينهما بمذهب الإسلام؛ لأنّ ردّهما إلى أحد الملّتين موجب لإثارة الفتنة.»[4]
[1]- نفس المصدر، الباب 13 من أبواب ديات النفس، ح 8، ج 29، ص 219.