قالت الحنفيّة و المالكيّة: يشترط أن تكون شهادة الأربعة في مجلس واحد لوجود شبهة في أداء الشهادة، و هي عدم اتّحادهم في الحضور، لأنّ الشاهد الأوّل لمّا شهد فقد قذفه، و لم يأت بأربعة من الشهداء فوجب عليه الحدّ.
و اشترطوا كذلك أن يحضر الشهود الأربعة مجتمعين في زمان واحد. فإن جاءوا متفرّقين و اجتمعوا في مجلس واحد، لا تقبل شهادتهم، و يقام عليهم حدّ القذف.
و قالت الشافعيّة: لا يشترط ذلك، بل متى شهدوا بالزنا- و لو كانوا متفرّقين واحداً بعد واحد- قبلت شهادتهم، و يقام الحدّ عليهما لهذه الشهادة، و ذلك لأنّ الإتيان بأربعة شهداء قدر مشترك بين الإتيان بهم مجتمعين أو متفرّقين، فالآتي بهم متفرّقين يكون عاملًا بالنصّ، و لأنّهم إذا جاءوا متفرّقين كان أبعد عن التهمة، و عن أن يتلقّن بعضهم من بعض، و لأنّه لا يشترط أن يشهدوا معاً في حالة واحدة.
و قالت الحنابلة: المجلس الواحد شرط في اجتماع الشهود و في أداء الشهادة، فإذا جمعهم مجلس واحد و أدّوا الشهادة، سمعت شهادتهم و إن جاءوا متفرّقين قبل أداء الشهادة، لأنّ الشبهة إنّما تظهر في اختلاف المكان.
قال ابن قدامة الكبير في عداد شروط البيّنة: «الشرط السابع: مجيء الشهود كلّهم في مجلس واحد؛ ذكره الخرقي، فقال: و إن جاء أربعة متفرّقين و الحاكم جالس في مجلس حكمه لم يقم، قُبل شهادتهم، و إن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم كانوا قذفة، و عليهم الحدّ، و بهذا قال مالك، و أبو حنيفة. و قال الشافعي، و البتّي، و ابن المنذر: لا يشترط ذلك، لقول اللَّه تعالى: «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ»[1]، و لم يذكر المجلس، و قال تعالى: