الحدّ، فإنّ وجهه حينئذٍ تحقّق صدق الزنا الذي هو مقتضٍ لترتّب الحدّ، و لم يعلم مسقطه من الشبهة و الإكراه مع عدم دعواهما؛ و مع ذلك لا يخلو من نظر، بناءً على سقوط الحدّ باحتمال ذلك، فلا يثبت الحدّ، و لا يجوز التمسّك بالأصول لإثباته، لوجود الشبهة الدارئة كما ذكرناه سابقاً في من حملت و لا بعل لها، مع أنّ ظاهر الفعل بالنسبة إليها هو الاختيار، و أيضاً الأصل عدم الشبهة أو الإكراه.
أضف إلى ذلك أنّه يلزم من قبول الشهادة بالنحو المذكور، شهادة شهود لا يعرفون أحداً من النساء و الرجال في ناحية، بأن رأوا رجلًا يجامع امرأته: على أنّهما زنيا، و يثبت ذلك بمجرّد قولهم: لا نعلم سبب التحليل، و هذا بعيد و كثير المفاسد.
و أمّا القول بأنّ بعض الموضوع يثبت بالشهادة و بعضه الآخر- و هو الشرائط- يثبت بقاعدة المقتضي و المانع، ففيه- مع الغضّ عمّا في نفس القاعدة- أنّه خروج عن الفرض، و هو ثبوت الزنا الموجب للحدّ بالشهادة.
و بالجملة، الذي يقتضيه النظر- كما قاله المحقّق الأردبيلي رحمه الله[1] أيضاً- هو عدم جواز الشهادة بالزنا حتّى يعلم يقيناً من غير شبهة بانتفاء عقد و ملك و شبهة، و لا تجوز الشهادة:
إنّ فلاناً فعل بفلانة، و لا نعلم سبب التحليل، بمجرّد المعاينة و عدم العلم بسائر الشرائط؛ فإنّ ذلك موجب لهتك عرضهم، مع عدم الموجب، فإنّ على الإنسان أن يستر على المسلمين و يكفّ عنهم.
المطلب الثالث: في حكم إجراء الحدّ على الشهود
لو لم يشهد الشهود بالمعاينة، فلا يخلو كلامهم عن حالتين: