كانا كاملين بأن يكونا حرّين عاقلين، فقد أحصنا، و إن كانا ناقصين، بأن يفقد فيهما أحد الشرائط التي ذكرناها لم يحصنا، و إن كان أحدهما كاملًا و الآخر ناقصاً، فإن كان النقص بالرقّ، فالكامل قد أحصن دون الناقص، و إن كان النقص بالصغر، قال قوم: الكامل منهما محصن، و قال الآخرون: لا يثبت الإحصان لأحدهما في الموضعين، و قال بعضهم: إن كان النقص رقّاً لم يثبت الإحصان لأحدهما، و إن كان صغيراً أحصن الكامل؛ و على ما عقدناه لا يحتاج إلى هذا الشرط و التفصيل.»[1] نعم، ظاهر الكلام الذي مرّ عن ابن الجنيد رحمه الله في تعريف الإحصان[2] اشتراط ذلك.
و يظهر من بعض فقهاء السنّة أيضاً اشتراط كون الزوجين جميعاً على الصفات الدالّة على الإحصان وقت الدخول؛ و على هذا فلو دخل الزوج البالغ العاقل الحرّ المسلم بزوجته و هي صبيّة أو مجنونة أو أمة، لا يصير محصناً ما لم يوجد دخول آخر بعد زوال هذه العوارض، لأنّ اجتماع هذه الصفات في الزوجين معاً يشعر بكمال حالهما، و هذا يشعر بكمال اقتضاء الشهوة من الجانبين.
قال ابن قدامة: «الشرط السابع: أن يوجد الكمال فيهما جميعاً حال الوطء، فيطأ الرجل العاقل الحرّ امرأة عاقلة حرّة، و هذا قول أبي حنيفة و أصحابه، و نحوه قول عطاء، و الحسن، و ابن سيرين، و النخعي، و قتادة، و الثوري، و إسحاق؛ قالوه في الرقيق. و قال مالك: إذا كان أحدهما كاملًا، صار محصناً، إلّا الصبيّ إذا وطأ الكبيرة لم يحصّنها؛ و نحوه عن الأوزاعي. و اختلف عن الشافعي، فقيل: له قولان، أحدهما: كقولنا و الثاني: أنّ الكامل يصير محصناً؛ و هذا قول ابن المنذر، لأنّه حرّ بالغ عاقل وطأ في نكاح صحيح، فصار محصناً كما لو كان الآخر مثله. و قال بعضهم: إنّما القولان في الصبيّ دون العبد، فإنّه يصير
[1]- المبسوط، ج 8، صص 3 و 4- و راجع: الانتصار، ص 521.