و قال رحمه الله في الخلاف: «إذا مكّنت العاقلة المجنون من نفسها فوطأها، لزمهما الحدّ. و إن وطأ المجنونة عاقل، لزمه الحدّ و لم يلزمها الحدّ. و قال الشافعي: يلزم الحدّ العاقل دون من ليس بعاقل في الموضعين. و قال أبو حنيفة: لا يجب على العاقلة الحدّ إذا وطأها المجنون، و إن وطأ عاقل مجنونة لزمه الحدّ. دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضاً قوله تعالى: «الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ»[1].»[2] و قال رحمه الله في المبسوط: «إذا زنى عاقل بمجنونة فعليه الحدّ دونها، و إن كان الرجل مجنوناً و هي عاقلة فمكّنته عن نفسها فعليها الحدّ عند قوم دونه. و قال قوم: لا حدّ على واحد منهما. و عندنا يجب عليهما الحدّ على ما مضى شرحه.»[3]
القول الثالث: التفصيل بين المجنون المطبق الذي لا يفيق و لا يهتدي سبيلًا
، فلا يثبت الحدّ في حقّه، و بين مجنون يصحّ منه القصد إلى الزنا، فيجلد مائة، محصناً كان أو غير محصن، و ذلك قول أبي الصلاح الحلبي، و ابن زهرة، و هو مختار ابن فهد الحلّي رحمهم الله[4].
قال أبو الصلاح الحلبي رحمه الله: «و إن كان مجنوناً مطبقاً لا يفيق و لا يهتدي شيئاً، فلا شيء عليه. و إن كان ممّن يصحّ منه القصد إلى الزنا و قامت بفعله البيّنة أو علمه الإمام، جلد مائة جلدة، محصناً كان أو غير محصن، و لا يعتدّ بإقراره.»[5]
القول الرابع: التردّد في المسألة
، كما سلكه الماتن رحمه الله في الشرائع و المختصر النافع[6]، و سيأتي بيانه.