و قد يزاد هنا شرط آخر غير لازم في نظري، و هو أن يكون الوعيد بأمر حالّ يوشك أن يقع إن لم يستجب المكره و إلّا فليس ثمّة إكراه، لأنّ المكره لديه من الوقت ما يسمح له بحماية نفسه. و يرجع في تقدير ما إذا كان الوعيد حالًّا أو غير حالّ إلى ظروف المكرِه و إلى ظنّه الغالب المبنيّ على أسباب معقولة.
الأمر الثالث: في قبول ادّعاء الإكراه
تقبل دعوى المرأة بأنّها كانت مستكرهة، من غير تحقيق و طلب البيّنة و الأمارات، لصحيحة أبي عبيدة و غيرها المذكورة آنفاً.
و كذلك الأمر في قبول قول الرجل بأنّه كان مستكرهاً، لقاعدة درء الحدود بالشبهات، و لابتناء أمر الحدود على التخفيف، و لما علم في القضايا المختلفة من اهتمام الشارع المقدّس بالتستّر في الجرائم الجنسيّة.
و عدم قبول ادّعاء الإكراه بمجرّد الدعوى في باب المعاملات، فهو ليس من جهة أنّ الإكراه في باب الحدود غير الإكراه هناك، بل من جهة خصوصيّة الموردين، و لذلك يكون الإقرار مرّة واحدة حجّة و مقبولًا في باب المعاملات و هنا يحتاج إلى الإقرار أربع مرّات.
و بهذا ظهر ما في كلام المحقّق الخونساري رحمه الله حيث قال: «كيف تصدّق دعوى الإكراه بمجرّدها و لا تقبل الدعوى في العقود و الإيقاعات، كما لو باع ثمّ ادّعى الإكراه. فإن كان المدرك النبويّ المشهور فيؤخذ بإطلاقه، و إن كان المدرك الرواية الصحيحة المذكورة فالحكم فيها مخصوص بالمرأة، و التعدّي إلى غيرها مشكل، خصوصاً مع أنّ دعوى الإكراه بلا شاهد كيف تقبل؟ و لذا لا تقبل في مثل المعاملات.»[1]