الأمر السادس: في حدّ الزنا على الأعمى مع ادّعاءه الشبهة
لا شكّ في وجوب الحدّ على الأعمى- رجماً كان أو جلداً- إذا زنى مع وجود الشرائط، كغيره من الناس، و ذلك لعموم الأدلّة، و الإجماع أيضاً بقسميه عليه، و لما في خبر إسحاق بن عمّار، قال: «سألت أحدهما عليهما السلام عن حدّ الأخرس و الأصمّ و الأعمى؟
فقال: عليهم الحدود إذا كانوا يعقلون ما يأتون.»[1] و لكن إن ادّعى الأعمى الشبهة، ففي المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأوّل: لا يُقبل قوله مطلقاً
، و هذا يظهر من كلام الشيخين و سلّار و القاضي ابن البرّاج رحمهم الله[2].
قال المفيد رحمه الله: «و يحدّ الأعمى إذا زنى، و لا يقبل له عذر لعماه. و إذا ادّعى أنّه اشتبه الأمر عليه فظنّ أنّ التي وطأها زوجته، لم يسقط ذلك عنه الحدّ، لأنّه قد كان ينبغي له أن يتحرّز و يتحفّظ من الفجور و لا يقدم على غير يقين.»[3] و الوجه فيه كما يظهر من كلام المفيد رحمه الله و غيره[4] أنّه يجب عليه الاستظهار و الاحتياط في معرفة الموطوءة، لعدم حاسّته، فمع الإقدام لا يسمع قوله: «اشتبه عليّ».
القول الثاني: القبول مع احتمال صدقه
، و عليه المحقّق في كتابيه، و العلّامة، و الشهيد الثاني، و المحقّق الأردبيلي، و ابن فهد الحلّي، و الفاضل الآبي رحمهم الله[5]، بل هو مذهب
[1]- وسائل الشيعة، الباب 13 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 2، ج 28، ص 29.
[2]- النهاية، صص 698 و 699- المراسم العلويّة، ص 256- المهذّب، ج 2، ص 524.