منها نوعاً. حتى سقطت حرمة السلطة، وفقدت قدسيتها، عند جمهور المسلمين.
فالخليفة عندهم لا يمثل الحقيقة الدينية المقدسة، وإن حاول أن يدعي لنفسه ذلك، ويطلق عليها ألقاب الاحترام والتقديس، كخليفة الله، وسلطانه في الأرض، وخليفة رسوله، وأمير المؤمنين ... إلى غير ذلك.
غاية الأمر أن التعامل وتمشية الأمور يكون معه، تبعاً للقوة، رضوخاً للأمر الواقع وانسجاماً معه في شرعية مهزوزة مادامت القوة، من دون إيمان بها في الأعماق، فضلًا عن التقديس المفترض لمقام الخلافة والإمامة. وكلما زاد إجراماً وانتهاكاً للحرمات زاد في نفوسهم بعداً عن الحقيقة الدينية.
والحاصل: أنه سبق أن الكتاب المجيد والسنة النبوية الشريفة قد أكّدا على وجوب معرفة الأئمة، وفرض طاعتهم وموالاتهم والنصيحة لهم، ولزوم جماعتهم، وحرمة الخروج عليهم، وسقوط حرمة الخارج، بحيث يكون باغياً يجب على المسلمين قتاله ... إلى غير ذلك مما يفترض أن يترتب عليه انشداد جمهور المسلمين للخلفاء وتقديسهم لهم، بحيث يكونون هم الممثلين للدين بنظرهم والقدوة التي يقتدون بها في حياتهم.
وقد حاول الأولون بمختلف الوسائل، وبجهود مكثفة استغلال ذلك كله لصالحهم، ونجحوا في ذلك نسبياً. كما يظهر مما سبق.
إلا أن الصراع الذي بدأه أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، واستمر عليه خواص شيعته، وتحملوا صنوف الأذى والتنكيل من أجله، وختم بفاجعة الطف وتداعياتها، كل ذلك قد جعل من واقع الخلفاء بنظر جمهور المسلمين أمراً لا ينسجم مع شيء من ذلك.
بل هم ينظرون لهم كذئاب كاسرة، لا يؤمنون على دنيا ولا دين. وأصبح تقييمهم للخليفة منوطاً بعمله وسلوكه معهم، من دون صبغة دينية ترفع من