كما أن البيعة للخليفة- حتى من الخاصة- لا تعني إضفاء الشرعية على خلافة الخليفة، بل الرضوخ له والتعايش معه، دفعاً لشره، وتقية منه.
أ ولًا: لتبلور مفهوم التقية تدريجاً نتيجة إفراط الخلفاء في الظلم والجبروت والطغيان. نظير ما تقدم من الإمام علي بن الحسين زين العابدين (صلوات الله عليه) حول البيعة التي طلبها مسلم بن عقبة بعد واقعة الحرة[1].
وثانياً: لتردي أمر الخلافة بتسافل وسائل الوصول إليها، وتحولها إلى سلطة قمع لتثبيت الطغاة.
ومثل هذه الخلافة لا يمكن الاقتناع بشرعيتها من كل مسلم مهما كان التزامه الديني وثقافته، وإن كان يتعامل معها كأمر واقع مفروض عليه.
وإذا كان معاوية في حديثه المتقدم[2] مع المغيرة بن شعبة قد استصعب الولاية بالعهد ليزيد لما يعرفه من واقعه المشين، ولبقاء شيء من الحرمة للخلافة، فإن الأمر بعد ذلك لم يعد صعباً، لسقوط حرمة الخلافة، وتحولها إلى أداة قمع ووسيلة للترف والاستهتار.