قالوا هذا تصريح بوقوع المعصية
المستتبعة للعتاب واللوم، والتي لا تكون إلاّ قبيحة، وأكده تعالى بقوله {فَغَوَى} والغيّ ضد الرشد،
واستدلوا بها على أنّ آدم عليه السلام قد عصى ربّه وأطاع إبليس، وهذا
خطأ منه كان سبباً في إخراجه من الجنة، وأنّ الله قد تعهد تخطئة آدم لحكمة من أجل
إخراجه من الجنة حتى يعمر الأرض لأنّ الله قد خلقه لذلك.
ينقل الزمخشري
في تفسيره رواية عن ابن عباس جاء فيها أنّ آدم لم يتمثّل ما رسم الله له، وتخطى في
ساحة الطاعة، وذلك هو العصيان وبعصيانه هذا خرج عن حد الرشد إلى مستوى الغي لا محالة
لأنّه خلاف الرشد، ثم يسترسل الزمخشري في بيان العصيان إذ إنّه تعالى لم يقل أنَّ أدم
عليه السلام أنزل أو أخطأ وإنما قال بصريح العبارة أنَّهُ {عصى}
فيرى في هذا اللطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة وكأنّه قيل لهم انظروا
واعتبروا كيف نعيت على النَّبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه اقتراف إلاّ
الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلطة([398]).
والفخر الرازي يرى في العصيان إقترافاً
كبيراً استوجب معها آدم عليه