وهو صريح في جهالة عدالته ووثاقته، فإذا ضممنا جهالته مع كونه من أهل العبادة والصلاح المعروفين بقلة الضبط والكذب في الحديث وروايتهم للمناكير، نصل وعلى اقل التقادير إلى حتمية التوقف والتحفظ عن قبول روايته وبالخصوص التي يشهد عليها بالنكارة والغرابة، والرواية التي نحن بصدد الكلام عنها مشمولة بهذا الأمر حتما فقد شهد احمد بن حنبل بأنها منكرة، وسيأتي كلام الترمذي وشهادته بأنها غريبة، فالرواية مشتملة على جهالة وغرابة ونكارة فلا ريب في ضعفها، ولا عبرة حينئذ بتوثيق أمثال ابن حبان لأنه وكما كررنا مرارا معروف بالتساهل في توثيق الضعفاء والمجهولين.

ومما تقدم يعلم إفراط الذهبي وشذوذه في تعديل بكر بن عمرو المعافري ووصفه بأنه احد الأثبات، كما في (تاريخ الإسلام) حيث قال: (بكر بن عمرو المعافري الزاهد...وكان أحد الأثبات)([1287])، ولا احد غير الذهبي وصفه بأنه من الأثبات، ولو كان من الأثبات فعلا لما خفي أمره عن ابن القطان والدارقطني والحاكم وغيره من شيوخ الحديث وأصحاب الجرح والتعديل، فعدم معرفتهم بهذا الأمر وعدم ذكره في ترجمته دليل على ان هذا القول هو من أوهام الذهبي واجتهاداته غير المستندة إلى دليل وشاهد فتكون مردودة عليه.

ثالثا: لوجود مشرح بن هاعان الذي كان يخطئ ويخالف ويروي المناكير التي لا يتابع عليها

وهو مشرح بن هاعان المعافري، أبو مصعب المصري، من الطبقة التي تلي الوسطى من التابعين، روى له أربعة من أصحب الكتب الستة، ولم يرو له مسلم في صحيحه ولا النسائي أي حديث، وله عدة طامات تمنع كل واحدة منها من

[1287] تاريخ الإسلام للذهبي ج 8 ص387.