رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث، لأنهم يكتبون عن كل ما يلقون لا تمييز لهم فيه»... ويروى عن أبي عبد الله بن مندة قال: «إذا رأيت في حديث ثنا فلان الزاهد فاغسل يدك منه»، وقال ابن عدي: «الصالحون قد وسموا بهذا الاسم إن يرووا أحاديث في فضائل الأعمال موضوعة بواطيل، ويتهم جماعة منهم بوضعها»)([1285]).

إذن فكون بكر بن عمرو المعافري من أهل الصلاح والعبادة لا يلزم منه توثيقه وقبول حديثه بل العكس فكونه من أهل العبادة والصلاح موجباً لغسل اليد من روايته، وموجباً لاتهام هذا الراوي بالغفلة وسوء الحفظ بل والكذب فيما لو جاء بحديث منكر، وبكر بن عمرو المعافري قد جاء بحديث منكر كما صرح احمد ابن حنبل من قبل حينما أمر ولده بالضرب على هذا الحديث لأنه منكر، فلا شك حينئذ من كون هذا الحديث من أكاذيب بكر بن عمرو المعافري، أو من أكاذيب غيره لكنه رواه بسبب ان بكر بن عمرو المعافري من أهل الصلاح والعبادة الذين يروون كل غث وسمين من دون دراية وتمييز.

وليت ان الأمر توقف عند هذا الحد، فقد ورد تصريح واضح من ابن القطان بعدم علمه لعدالة بكر بن عمرو المعافري، كما ان الدارقطني أمر بالنظر في أمره، قال ابن حجر في (تهذيب التهذيب): (بكر بن عمرو المعافري المصري إمام جامعها... قلت: وقال ابن القطان لا نعلم عدالته وذكره ابن حبان في الثقات وقال توفي بعد الأربعين ومائة وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال ينظر في أمره)([1286])،

[1285] شَرْحُ عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ للحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي المسألة الثالثة من ضعف من أهل العبادة لسوء حفظه ص131.

[1286] تهذيب التهذيب لابن حجر ج 1 ص 426.