أسفلها: أن يكون المرغوب فيه النجاة من
النار وسائر الآلام، كعذاب القبر ومناقشة الحساب وخطر الصراط، وهذا زهد الخائفين.
وأوسطها: أن يزهد رغبة في ثواب
الله ونعمته واللذات الموعودة في جنته، وهذا زهد الراجين.
وأعلاها: أن لا يكون له رغبة
إلا في الله ولقائه، فلا يلتفت قلبه إلى الآلام ليقصد الخلاص منها ولا إلى اللذات
ليقصد نيلها والظفر بها بل هو مستغرق الهم بالله، وهو الذي أصبح وهمه هم واحد، فهو
لا يطلب غير الله لأن من طلب غير الله فقد عبده، وكل مطلوب معبود وكل عبد بالإضافة
إلى مطلوبه، وهذا زهد المحبين والعارفين.
وينقسم أيضاً الى فرض ونفل
وسلامة: فالفرض هو الزهد في الحرام، والنفل هو الزهد في الحلال، والسلامة هو الزهد
في الشبهات.
واعلم أن للزاهد الحقيقي ثلاث
علامات:
الأولى: أن لا يفرح بموجود
ولا يحزن على مفقود، كما أشار إليه أمير المؤمنين في الاستنباط من قوله تعالى: ((لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما
فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ))[1301] وهذا علامة الزهد في
المال[1302].
والثانية: أن يستوي عنده مادحه
وذامه، وهو علامة الزهد في الجاه.
والثالثة: أن يكون أنسه بالله
تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة.
[1302]
قال الباقر عليه السلام في حديث: «ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله عزّوجل: ((لِكَيْلا
تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ))» سورة الحديد/ 23.
معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: 252، باب معنى الزهد/
ح4.