والعلم الأول هو مطلع هذه الخيرات، وهو عبارة عن الإيمان والتصديق بأن
الذنوب سموم مهلكة، وإذا أشرق على القلب ثار الندم الباعث على ما تقدم. وكثيراً ما
يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده ويجعل العلم كالسابق والمقدمة والترك كالثمرة
والتابع، وبهذا الاعتبار قال صلى الله عليه وآله وسلم: الندم توبة[790]. إذ لا يخلو الندم عن
علم أوجبه وأثمره وعن عزم يتبعه ويتلوه.
الفصل الثاني: في وجوبها وفضلها
لا ريب في وجوب الإحتراز عن
الأمراض والمهالك المفوتة لحياة الجسد عقلاً وشرعاً، فوجوب الاحتراز عن أمراض الذنوب
ومهلكات الخطايا المفوتة لحياة الأبد بطريق أولى، وقال تعالى: ((تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))[791] وقال تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ
عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ))[792] والنصوح الخالص لله الخالي عن
الشوائب. وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُطَهِّرِينَ[793]))[794].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التائب حبيب
الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنبه له[795].
[790] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق:4/380، باب
النوادر، من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم/ ح49.