فمنهم: عصاة المؤمنين،
يقولون إن الله كريم رحيم ونرجو رحمته وكرمه، وإن ((رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ))[749]، وأين معاصي العباد من
رحمته، والرجاء مقام محمود. ووجه غرورهم ما يأتي إن شاء الله تعالى في الرجاء من
أن هذا تمنٍ على الله وغرة به، فإن «من رجا شيئاً طلبه ومن خاف شيئاً[750]، هرب منه»[751]، وكما أن الذي يرجو
ولداً ولم يتزوج أو تزوج ولم يجامع أو جامع ولم ينزل فهو أحمق، فكذا من رجا رحمة
ربه ولم يعمل الصالحات ولم يترك السيئات، وقد قال تعالى: ((إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ))[752] وقال تعالى:((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ
اللَّهِ))[753] يعني أن الرجاء إنما
يليق بمثلهم[754].
ومنهم: العلوية والهاشمية،
حيث اغتروا بالنسب وصلاح الآباء وعلو رتبتهم، وغفلوا عن كونهم مخالفين سيرة آبائهم
في التقوى والورع، وأنهم ليسوا بأكرم على الله من آبائهم، وآباؤهم مع غاية التقوى
والورع كانوا خائفين