خَيْرٌ وَأَبْقى))[391]، وأن الصلاة وسيلة إليه، فإذا
أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهانتها حصل من مجموعها حضور القلب في
الصلاة.
وأما التفهم فسببه ــ بعد حضور
القلب ــ إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى، وعلاجه ما هو علاج إحضار القلب
مع الإقبال على الفكر والتشمر[392] لرفع الخواطر الشاغلة، وعلاج دفع
الخواطر الشاغلة قطع موادها، أعني النزوع[393] من تلك الأسباب التي تنجذب
الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر، «فمن[394] أحب شيئاً أكثر ذكره»[395]، فذكر المحبوب يهجم
على القلب بالضرورة، ولذلك ترى من أحب غير الله لا يصفو له صلاة عن الخواطر.
وأما التعظيم
فهي حالة للقلب يتولد من معرفتين: إحداهما معرفة جلال الله وعظمته، وهي من أصول الإيمان،
فإن من لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. الثانية معرفة حقارة النفس وخستها
وكونها عبداً مسخراً مربوباً، حتى يتولد من المعرفتين الاستكانة والانكسار والخشوع
لله، فيعبر عنه بالتعظيم وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الرب لا
تنتظم حالة التعظيم