وقد جاءت كثير من قصائد الاستنهاض خالية من المقدمات، وفي ظني ان هذا التجرد جاء لأسباب منها الجو الذي يفرضه الموضوع (الاستنهاض) والحالة الاجتماعية التي كان يعيشها الشعراء آنذاك، ولاسيما انهم كانوا صادقين في تجربتهم وأُمناء في نقل إحساساتهم الى المتلقي، لذلك قد ثقلت عليهم المقدمة وطالت المسافة للدخول الى الموضوع مباشرة وهذا نوع من انواع الصدق العقائدي والعاطفي بين الشاعر والمتلقي والإمام الحجّة /.

ومن القصائد التي جاءت خالية من المقدمات قول الشاعر كاظم الاسدي: (من الطويل)

فهنا نلمس عدم وجود التصريع وغياب المقدمة والدخول في الموضوع مباشرة من لدن الشاعر مثلما تضمن في هذا المطلع معاني واسعة من القضاء والحكم والحق والعدل وهذا يدل على مدى اشتياق الشاعر الى هذه القيم وأنه يعيش تحت وطأة الظلم وغياب الحق والمعاناة مما انعكس على نفسه وذاته في طلب هذه القيم، طالباً من الله - عز وجل- بتعجيل ظهور الإمام الذي سوف يقوم بنشر هذه القيم واقامة الحق والعدل، وهذا يدل على أن الشاعر لم يكن له الوقت الكافي ليأتي بالمقدمة مما حدا به الدخول إلى موضوعه مباشرة.

ومنه أيضاً قول الشاعر صالح الكواز: (من الرجز)

[188] الخاقاني (علي): شعراء الغري، مطبعة بهمن، ايران، 1408م: 494.