الشورى العمرية

أمضى عمر في الحكم زهاء عشر سنوات أشرنا فيما تقدم إلى جملة من مخططاته لمصير الخلافة من بعده،وكان أهم ما يواجهه هو كيفية وصول البيوتات القرشية إلى الحكم مع الأخذ بعين الاعتبار منع وصول أمير المؤمنين عليه السلام إلى قيادة الدولة.

كان عمر يواجه ضغوطاً يفرضها عليه الواقع الموضوعي بسب نشاطات القرشيين ومدى تأثيرها في نفسه.

كان عمر لا يريد القيام بعملية التنصيص والإيصاء المباشر لشـخص معين من قريش، لسـببين الأول المطامع القرشية ورغبة جميع العوائل في الاشتراك في الحكم، والثاني وهو الأهم المفاجأة التي قام شيعة أمير المؤمنين عليه السلام والتي جوبه بها في موسم الحج حيث كانوا يدعون الناس لامير المؤمنين عليه السلام ويبشرون بالعهد العلوي ويؤكدون حق أمير المؤمنيـن عليه السلام في إدارة الحكم، كان الشيعة يقومون بذلك معرِّضين أنفسهم للأخطار إذ يعلمون مدى حساسية السلطة.

فمع هذه الظروف أدرك عمر أنّ عملية الإيصاء المباشر من شأنها أنْ تصب على الأمد البعيد في صالح أمير المؤمنين عليه السلام ذلك لأن العوائل القرشية أصبحت جميعاً تطمح للحكم وإدارة البلاد وهذا يعني أنها ستتنازع فيما بينها وتفقد موقفها الموحد ضد بني هاشم، في الوقت الذي يعمل الشيعة ليلاً ونهاراً لإعادة الحق إلى أهله غير طامعين بشيء إلاّ رضا الله تعالى وأداء تكاليفهم الشرعية تجاه أهل بيت نبيهم عليهم السلام فاختار عمر طريقة جديدة يضمن معها وصول العوائل القرشية إلى الحكم واحدة تلو الأخرى مع منع وصول أمير المؤمنين عليه السلام وبني هاشم إلى السلطة، بالإضافة إلى ضمان الموقف الموحد لقريش، وهذا المنهج الجديد هو الشورى التي سيخطط فيها لوصول عثمان إلى الحكم شريطة أنْ يكون الأمر من بعده لعبد الرحمن بن عوف.