عثمان، فجئت فجلست إلى المقداد بن
عمر، فسمعته يقول: والله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت! وكان عبد الرحمن
بن عوف جالسا، فقال: وما أنت وذاك يا مقداد! قال المقداد: إني والله أحبهم لحب
رسول الله9، وإني لأعجب من
قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله، ثم انتزاعهم سلطانه من أهله. قال عبد
الرحمن: أما والله لقد أجهدت نفسي لكم. قال المقداد: أما والله لقد تركت رجلا من
الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون! أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم
قتالي إياهم ببدر وأحد. فقال عبد الرحمن: ثكلتك أمك، لا يسمعن هذا الكلام الناس،
فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة. قال المقداد: إن من دعا إلى الحق وأهله وولاة الأمر
لا يكون صاحب فتنة، ولكن من أقحم الناس في الباطل، وآثر الهوى على الحق، فذلك صاحب
الفتنة والفرقة.
قال: فتربد وجه عبد الرحمن، ثم قال: لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي ولك
شأن. قال المقداد: إياي تهدد يا بن أم عبد الرحمن! ثم قام عن عبد الرحمن، فانصرف.
قال جندب بن عبد الله: فاتبعته، وقلت له: يا عبد الله، أنا من أعوانك،
فقال: رحمك الله! إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان ولا الثلاثة، قال: فدخلت من
فوري ذلك على علي علیه السلام ، فلما جلست إليه،
قلت: يا أبا الحسن، والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك، فقال: صبر جميل والله
المستعان.
فقلت: والله إنك لصبور! قال: فإن لم أصبر فما ذا أصنع؟ قلت: إني جلست إلى
المقداد بن عمرو آنفا وعبد الرحمن بن عوف، فقالا كذا وكذا، ثم قام المقداد
فاتبعته، فقلت له كذا، فقال لي كذا. فقال علي علیه السلام : لقد صدق المقداد،