الإنسان في صفة الأممية [1]. وما يعطيه هذا السّياق من ربط بين هذا الثماثل وقضيّة الحشر، ومن عدم تفريط الكتاب في شي‌ء، وعدم خروج شي‌ء عنه، وقد يكون المعنيُّ كتاب الأعمال وحفظها، وما يدل عليه لفظ (يُحْشَرُونَ) [2]، المستعمل في ذوي الإدراك والشعور يكون المعنيُّ من الحشر في الآيتين الكريمتين الحشرَ للحساب والجزاء.

وعلمُ الله لا يخطئ كبيرا وصغيرا، ولا يتجاوزه ظاهرٌ ولا خفيّ، وعدله لا يُكلِّف نفسا إلا ما آتاها [3]، ولا يحاسبها إلا على قدر ما أنعم عليها، ولا يعاقبها إلا بما جنت على نفسها.

وكما للحيوان وزنه وحسابه، ويدخله التفاوت، فكذلك الإنسان ليس واحداً في مستواه ومواهبه ونِعَمِه وفرصه، وحسابُ كلّ على قدَره، ولا عقاب إلا بما يستحقّه" [4].

5- تجلّي عزّة الإيمان:

" ولنتذكّر أنّه رغم هول القيامة الذي لا تثبت له نفس ولا يتحمّله قلب، وتذهلُ له كلّ مرضعة عمّا أرضعت فإن هناك فئة من الناس في أمن مِنْ مسّ ذلك الهول، وفي راحة وأنس واستبشار، (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ، ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) [5]، (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى‌ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) [6]، (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [7].

[1]. والأمة تتضمن علاقات يدخلها العدل والإحسان والظلم والتعديات. «منه حفظه الله»

[2]. الأنعام: 38. عبَّرت الآية الأولى عن الوحوش بأنها حشرت، أما في الآية الثانية فاستخدمت للجواب والطير ضمير جمع العاقل فقالت ثم إلى ربّهم يحشرون. «منه حفظه الله»

[3]. ومن يزن النّملة وما تحتمل من تكليف؟ خالقها «منه حفظه الله».

[4]. خطبة الجمعة (414) 19 رجب 1431 ه-- 2 يوليو 2010 م‌

[5]. عبس: 38- 39.

[6]. الحديد: 12.

[7]. الأنبياء: 103.