أحدهما : يتّخذ المواقف من خلال الأصول ، ويتّبع
القرآن والسـنّة ، ولا يرتضي الرأي والاجتهاد مع وجود النصّ .
والآخر : يتّخذ الأصول من خلال مواقف الصحابة وإن خالفت النصوص ، فهؤلاء يشرّعون الرأي ويأخذون به مقابل النص، ويتعاملون مع رسول الله
كأنّه بشر غير كامل يصيب ويخطئ ويسبّ ويلعن ثمّ يطلب المغفرة للملعونين[155] ، أو أنّه 0خفي عليه أمر الوحي حتّى أخبره ورقة بن نوفل بذلك ! وهذا يخالف ما ثبت من أنّ خاتم النبوة كان مكتوباً على كتفه .
وبين هـؤلاء من رفع
صوته ـ في ممارسـاته اليـومـيـة ـ فـوق صـوت النـبيّ ، واعتـرض على رسـول الله في أعـمالـه[156] ، وتعـرّف المصـلحـة وهـو بحـضرتـه 0 ، وتـنـزّه فـي أمـر رخّـص فـيـه ، أو
تـزهّـد فـي أمـر نهـى عـنـه .
فجاء في كتاب
الآداب من صحيح البخاري أنّ النبيّ رخّص في أمر فتنزّه عنه ناس، فبلغ النبيّ فغضب
ثمّ قال : ما بال أقوام يتنزّهون عن الشيء أصنعه ،
فوالله إنّي لأعلمُهم وأشدّهم خشية[157] .
وفي خبر آخر : أُخبر رسول الله أنّ عبدالله بن عمرو بن العاص يقول : والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ،
فقال له رسول الله: أنت الذي تقول : « لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت » ؟!
قال : قد قلت ذلك يا رسول الله .
[155] صحيح البخاري 8 : 435 / كتاب
الدعوات ، باب 736 ، ح 1230 سورة الإسراء ، مسند أحمد
2 : 316 ـ 317 ، 419 ، وج 3 : 40 -
[156] كاعتراض عمر بن الخطاب على رسول الله
لمّا أراد أن يصلّي على المنافق ، وقوله له : أتصلّي عليه وهو
منافق ؟! وإنكاره على رسول الله فعله في أخذ الفداء من أسرى بدر
وغيرها . انظر : صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب فضائل
عمر .
[157] انظر : صحيح البخاري
8 : 353 كتاب الدوب ، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ، ح
979 -