وفي ( تاريخ أبي الفداء ) : وقعت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة ،
وعَظُم الأمر حتّى بطلت الأسواق ، وشرع أهل الكرخ في بناء سور عليهم محيطاً بالكرخ ، وشرع السنّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم في بناء سور على سوق
القلائين ، وكان الأذان بأماكن الشيعة بـ « حيّ على خير العمل » وبأماكن السنة « الصلاة خير من النوم »[885] .
وفي ( النجوم الزاهرة ) : فيها كان من العجائب أنّه وقع الصلح بين أهل السنّة والرافضة وصارت
كلمتهم واحدة ، وسبب ذلك : أن أبا محمّد النسوي ولي شرطة بغداد وكان فاتكاً ، فاتّفقوا على أنّه متى رحل إليهم قَتَلوه ،
واجتمعوا وتحالفوا ، وأُذّن بباب البصرة « حيّ على خير العمل » ، وقرئ في الكرخ فضائل الصحابة ،
ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش ، فعدّ ذلك من العجائب ، فإنّ الفتنة كانت قائمة والدماء تُسكب والملوك والخلفاء يعجزون عن
ردّهم حتّى ولي هذا الشرطة ، فتصالحوا على هذا الأمر اليسير[886] .
بغداد ( سنة 443 ه )
قال ابن الأثير في
( الكامل ) : في هذه السنة في صفر تجدّدت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة
وعظمت أضعاف ما كانت قديماً ، فكان الاتفاق الذي ذكرناه في السنة الماضية غير مأمون الانتقاض لما
في الصدور من الإحن ، وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين ، وأهل القلاّئين في عمل ما بقي من باب مسعود ،
ففرغ أهل الكرخ ، وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب : « محمّد وعليّ خير البشر » ؛ وأنكر السنيّة ذلك وادّعوا أنّ المكتوب : « محمّد وعليّ خير