البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر » ؛ وأنكر أهلُ الكرخ الزيادةَ وقالوا :
ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا ،
فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمّام نقيب العبّاسيّين ، ونقيب العلويّين وهو عدنان بن الرضي ،
لكشف الحال وإنهائه ، فكتبا بتصديق قول الكرخيّين ،
فأمر حينئذ الخليفة ونوّاب الرحيم بكفّ القتال ،
فلم يقبلوا . وانتدب ابن المذهب القاضي ، والزهيريّ ، وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبدالصمد بحمل العامّة على الإغراق في
الفتنة ، فأمسك نوّابُ الملك الرحيم عن كفّهم غيظاً من رئيس الرؤساء لميله إلى
الحنابلة ، ومنع هؤلاء السُّنّة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ ، وكان نهر عيسى قد انفتح بثقُهُ ،
فعظم الأمر عليهم ، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف ، وصبّوا عليه ماء الورد ، ونادوا : الماء للسبيل ؛ فأغروا بهم السُّنّة .
وتشدّد رئيس الرؤساء على الشيعة ، فمحوا : « خير البشر » ،
وكتبوا :
« عليهما
السلام » ، فقالت السُّنّة : لا نرضى إلّا أن يُقلع الآجرّ الذي
عليه « محمّد
وعليّ »
وأن لا يؤذَّن :
« حيَّ
على خير العمل » ؛ وامتنع الشيعة من ذلك ، ودام القتال إلى ثالث ربيع الأوّل ، وقُتل فيه رجل هاشميّ من السنيّة ، فحمله أهله على نعش ، وطافوا به في الحربيّة ، وباب البصرة ، وسائر محالّ السُّنّة ، واستنفروا الناس للأخذ بثأره ، ثمّ دفنوه عند أحمد بن حنبل ، وقد اجتمع معهم خلق كثير أضعاف ما
تقدّم .
فلمّا رجعوا من
دفنه قصدوا مشهد باب التبن فأُغلق بابه ، فنقبوا في سوره
وتهدّدوا البوّاب ، فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب
وفضّة وسُتور وغير ذلك ، ونهبوا ما في الترب والدور ، وأدركهم الليل فعادوا .
فلمّا كان الغد كثر
الجمع ، فقصدوا المشهد ، وأحرقوا جميع الترب والآراج ،
واحترق ضريح موسى ، وضريح ابن ابنه محمّد بن عليّ الجواد ،
والقُبّتان الساج