ذكر ابن الأثير في
حوادث هذه السنة : وفيها مُنع أهل الكرخ من النَّوح ،
وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء ، فلم يقبلوا وفعلوا
ذلك ، فجرى بينهم وبين السنيّة فتنة عظيمة قُتل فيها وجرح كثير من الناس ، ولم ينفصل الشرّ بينهم حتّى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم فكفّوا
حينئذ .
ثمّ شرع أهل الكرخ
في بناء سور على الكرخ ، فلمّا رآهم السنيّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور
على سوق القلاّئين ، وأخرج الطائفتان في العمارة مالاً جليلاً ،
وجرت بينهما فتن كثيرة ، وبطلت الأسواق وزاد الشر حتّى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى
الجانب الشرقي فأقاموا به .
وتقدّم الخليفة إلى
أبي محمّد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكفّ الشر ،
فسمع أهل الجانب الغربي ذلك فاجتمع السنة والشيعة على المنع منه ، وأذّنوا في القلاّئين وغيرها بـ « حيّ على خير العمل » وأذّنوا في الكرخ بـ « الصلاة خير من النوم » وأظهروا الترحّم على الصحابة ،
فبطل عبوره[883] .
وفي ( المنتظم ) وضمن بيان حوادث سنة 442 هـ : انّه ندب أبو محمّد النسوي للعبور
وضبط البلد ،
ثمّ اجتمع العامّة من أهلِ الكرخ والقلاّئين وباب الشعير وباب البصرة على كلمة
واحدة في أنه متى عبر ابن النسوي أحرقوا أسواقهم وانصرفوا عن البلد ، فصار أهل الكرخ إلى باب نهر القلاّئين ، فصلّوا فيه وأذنوا في المشهد « حيّ على خير العمل » وأهل القلاّئين بالعتيقة والمسجد
بالبزّازين بـ « الصلاة خير من النوم » واختلطوا واصطلحوا وخرجوا إلى زيارة
المشهدين مشهد عليّ والحسين[884] .