و أنت خبير بما فيه؛ ضرورة أنّ تلك الروايات و قول ابن عبّاس، لا يثبت بها إلّا إطلاق «الخمر» على غير المتخذ من العنب أحياناً، و أمّا كونه على وجه الحقيقة فغير ظاهر. و التمسّك بأصالة الحقيقة مع معلومية المراد و الشكّ في الوضع لإثباته كما ترى. مع أنّ شأن الرسول و الأئمّة صلوات اللَّه عليهم ليس بيان اللغة و وضعها.
و العجب منه كيف غفل عن سائر الروايات الظاهرة في أنّ الخمر مختصّة بالمتخذ من العنب، و أنّ ما حرّم اللَّه تعالى هو ذلك بعينه، و أنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) حرّم غيره من المسكرات؟! كرواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال
وضع رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) دية العين و دية النفس، و حرّم النبيذ و كلّ مسكر.
فقال له رجل: وضع رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) من غير أن يكون جاء فيه شيء؟ فقال
فانظر كيف صرّح فيها بعدم ورود شيء في حرمة المسكرات، مع ورود حكم الخمر في الكتاب العزيز.
و روايةِ أبي الربيع الشامي قال: قال أبو عبد اللَّه (عليه السّلام)
إنّ اللَّه حرّم الخمر بعينها، فقليلها و كثيرها حرام، كما حرّم الميتة و الدم و لحم الخنزير، و حرّم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) الشراب من كلّ مسكر، و ما حرّمه رسول اللَّه فقد حرّمه اللَّه عزّ و جلّ [3].