فالآجرّ و الخزف قبل طبخهما كانا طهورين بحكم الشارع، فشكّ في ذلك بعد طبخهما فيستصحب. و لا يكون من الاستصحاب التعليقي، بل هو كاستصحاب كرّية الماء و طهارته؛ حيث كان الحكم الشرعي حصول الطهارة بالتيمّم بهما.
و لو كان المراد من قوله: «جعلت لي الأرض .. طهوراً» أنّه إن يتيمّم بها تحصل الطهارة و بعبارة اخرى: يكون مفاده حكماً تعليقياً فلا مانع من استصحابه أيضاً؛ لأنّه في التعليقات الشرعية جارٍ، على ما هو المحقّق في محلّه [2].
و أمّا عدم الجريان في الموضوعي: فلأنّ ذلك من قبيل الشبهات المفهوميّة، كتردّد مفهوم «اليوم» بين كونه موضوعاً لامتداده إلى ذهاب الحمرة المشرقية، أو إلى سقوط الشمس، فإنّ من المعلوم أنّ الخزف ليس بتراب، و معلوم أنّه خزف، لكن يشكّ في صدق مفهوم «الأرض» عليه من جهة الشكّ في أنّ مفهومها شامل لما طبخ أو لا، و في مثله لا يجري الاستصحاب؛ لأنّ مصبّ أدلّته هو الشكّ في بقاء الشيء بعد العلم به.
و كذا لا يجري الاستصحاب في الشبهات الحكميّة التي من قبيلها، كما لو شكّ في أنّ الكرّ شرعاً عبارة عن ثلاثة أشبار و نصف طولًا و عرضاً و عمقاً، أو ثلاثة أشبار، فإذا كان الماء بالمقدار المتيقّن من الكرّ، ثمّ وصل إلى ثلاثة أشبار، لا يجري استصحاب بقاء الكرّ؛ لأنّ الموضوع معلوم؛ أي يعلم أنّه ليس بالحدّ الأوّل، و يعلم أنّه بالحدّ الثاني، فليس الشكّ في بقاء ما علم، بل في تطبيق العنوان عليه شرعاً، و في أنّ الشارع جعل الكرّ أيَّ الحدّين، و في مثله لا يجري الأصل.
[1] المعتبر 1: 40 و 41، وسائل الشيعة 1: 135، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 9.