و لو قيل: إنّ دليل الحرج بما أنّه امتناني، لا يشمل ما لو كان الأمر على خلاف الامتنان بالنسبة إلى الطرف، فلا يجري في المقام، و إن لم يلزم حرج على المالك؛ فإنّ منعه خلاف الامتنان.
قلنا: هذا ما اشتهر بينهم في أمثال المقام؛ من أنّ دليل الحرج، و الرفع، و الضرر، و نحوها ممّا تكون أحكاماً امتنانيّة لا إطلاق فيها إذا كان في موردٍ خلاف الامتنان [1]، و لهذا قالوا بصحّة الصوم الضرري أو الحرجي إذا أقدم المكلّف عليه.
أقول: هذا أحد الموارد التي صار الخلط فيها بين الأحكام القانونيّة و الشخصيّة سبباً للاشتباه.
و التحقيق: أنّ الأحكام الامتنانيّة إنّما هي امتنانيّة بحسب القانون الكلّي، و لا يلاحظ فيه آحاد المكلّفين، فإذا كان في جعل قانون امتنان على الأُمّة، كان الحكم امتنانيّاً، و إن فرض مصادمته في موردٍ لشخص أو أشخاص، و كونه موجباً لحرمانهم عن حقّ أو ملك.
كما أنّ المصالح و المفاسد في الأحكام على رأي العدليّة ليست بمعنى كون الحكم بالنسبة إلى كلّ أحد ذا مصلحة [2].
و كما في الأحكام السياسيّة و الجزائيّة، فإنّها أحكام امتنانيّة على الأُمّة، و إن كان فيها ضرر و حرج على الجاني.
فحديث الرفع امتناني، مع أنّ جواز أكل مال الغير عند الاضطرار بلا إذن