ثمّ قال تعالى وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[2].
فالآية على ما قال المفسّرون [3]، راجعة إلى وقعة الحديبية، و صدّ المشركين رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) في عام الست في ذي القعدة عن المناسك، و دخل في سنة السبع في ذي القعدة للمناسك، و اعتمر و قضى المناسك.
فمعنى الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ يحتمل أن يكون أنّ ذا القعدة الذي قضيتم مناسككم فيه، بإزاء ذي القعدة في السنة السابقة التي فيها منعتم عنها.
و يحتمل أن يراد أنّ قتالكم معهم في الشهر الحرام بإزاء قتالهم معكم فيه.
و قوله وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ على المعنى الثاني، يراد به ظاهراً أنّ القتال في الحرم، و الشهر الحرام، و البلد الحرام قصاص، في مقابل حربهم معكم و هتكهم الحرمات الثلاث.
فقوله فَمَنِ اعْتَدى تفريع على ذلك، فهو إمّا مختصّ بالحرب، فلا دلالة فيه على الضمان المطلوب، أو كبرى كلّية، فلا محالة يكون الاعتداء بالحرب داخلًا فيها، و لا يمكن إخراج المورد عنها و تخصيصها بمورد الماليّات.
و مع دخول الحرب و كونها مورد الآية، لا يمكن إرادة المثليّة في المعتدى به؛ بأن يراد أنّ المقاتلين إذا قتلوا منكم عدداً معلوماً، اقتلوا منهم بهذا العدد خاصاً، و إذا أصاب سهم واحد منهم عضواً خاصّاً منكم، لا يجوز لكم التعدّي عن ذلك العضو، و هذا واضح، فلا يراد بالمثل في مورد ورود الآية المماثلة في