رابعها: أن يكون المراد أنّه بعد ما كان أميناً واقعاً لا يضمن، و مقتضى التعليل أن لا يضمن الأمين بالتلف السماوي مطلقاً، و يضمن غير الأمين، ففي المقبوض بالعقد الفاسد مثلًا إذا كان القابض أميناً ثقة لا يضمن، بخلاف غير الأمين.
خامسها: أن يراد أنّ كلّ من استأمنته لا يضمن؛ بمعنى أنّ كلّ من جعلت الشيء عنده بعنوان الأمانة ليس بضامن، فيشمل الصحيح و الفاسد، و هذان الاحتمالان بعيدان.
هذا كلّه بناءً على أنّ المراد ب «الاستبضاع» هو المعاملة الخاصّة، التي يقال لها: «البضاعة» كما هو الظاهر.
الإشكال في شمول الروايات السابقة للإجارة و الرهن و الوقف
ثمّ لو قلنا: باستفادة عدم الضمان منها في فاسد عقد الأمانات، فاستفادته في مثل الإجارة، و الرهن، و الوقف، لو قلنا: بأنّه عقد، أو يكون موضوع القاعدة أعمّ من العقد مشكلة؛ لإمكان أن يقال: إنّ الاستبضاع نحو أمانة؛ حيث إنّ التاجر يسلّم مال التجارة إلى غيره ليتّجر به، و كان النفع للمالك، فتسليم العين بهذا العنوان نحو استئمان.
و أمّا تسليم العين المرهونة للمرتهن، و العين المستأجرة للمستأجر، فليس في شيء منهما استئمان، و جعلها أمانة، بل هو باعتبار الوفاء بالعقد ليس إلّا.
و ليس المراد من الرواية المتقدّمة أنّ تشخيص الدافع أمانة الطرف أو تسليمه العين باعتقاد أنّه أمين، رافع للضمان، حتّى يقال في مثل الرهن و الإجارة: إنّ الأمر كذلك، بل المراد أنّ جعل الشيء أمانة، و أخذ الشخص في هذا القرار أميناً، رافع له.