أقول: ما أفاده من الوجهين نظير ما ذكروا في جواب استدلال القائل بأنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ بقوله تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[2] ببيان: أنّ الظاهر وحدة ظرف الظلم و عدم النيل، فلا بدّ من صدق الظالم على من قضي عنه الظلم.
فأُجيب عنه: بأنّ الحكم المستمرّ إنْ تعلّق بموضوع آني الوجود، لا بدّ و أن يكون تحقّق موضوعه آناً ما كافياً لترتّب الحكم المستمرّ عليه، و الظلم آني الوجود غالباً، و عدم النيل مستمرّ الوجود، فلا بدّ من رفع اليد عن الظهور المذكور بالقرينة العقليّة [3].
و في المقام أيضاً يكون الإنشاء آنيّاً، و اللفظ متصرّماً غير قابل للبقاء، و وجوب الوفاء المترتّب على كلٍّ منهما مستمرّ، فالوجوب المستمرّ مترتّب على الموضوع الآني أو المتصرّم، فلا معنى لعدم الموضوع في ترتّب الحكم المذكور.
و يدفع الجوابان: بأنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الظاهر من نحو قوله أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وجوب الوفاء بالعقد المفروض التحقّق، كما في قوله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لكن في الثاني على تسليم ما ذكر فيه، قامت قرينة عقليّة على صرف ذلك الظهور، و أمّا في المقام فلمّا كان لدى العقلاء- زائداً على الإنشاء و اللفظ عنوان اعتباري آخر باقٍ في ظرف الاعتبار، يرد عليه الفسخ و الحلّ و نحوهما، و قد عبّر عنه بقوله تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ[4]